سلسلة أسماء الله الحسنى وصفاته "القادر، المقتدر، القدير " الحلقة 219
نبذة عن الفيديو
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
التاسعة عشرة بعد المائتين في موضوع(القديرالقادرالمقتدر) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان: * مظاهر قدرة الله :
والإنسان ـ بعد ذلك ـ جسدٌ حيّ، يختزن الروح في داخله، هذا الشيء الخفي في سرّه(3)، البارز في أثره، وللروح المتجسّدة حاجاتها في فاعلية الوجود واستمرارية البقاء، ولا يملك الإنسان في قدرته الخاصة أن يوفّر لنفسه تلك الحاجات، لأنها ليست من ذاتيات وجوده، بل هي حركة وجود آخر في النبات والحيوان والهواء والماء والأرض، وما يتحرّك فيها من تفاصيل الحاجات للمخلوقات كلها.
وقد جعل الله لكل روحٍ من هذه الأرواح المتجسّدة في المادة نصيباً معيّناً من رزقه، في نظامٍ متوازن شامل، يضع لكل منها حاجاتها، ويقسم
لكل واحدة منها رزقها، من خلال الأسباب التي أودعها في الكون مما يتّصل بإرادة الإنسان أو وجوده، فلا يملك ـ هو ولا غيره ـ أن يزيد شيئاً على قسمة الله، أو ينقص شيئاً من ذلك، لأن هذه القضية ـ في نطاقها الوجودي العام ـ من شؤون التكوين، لا من شؤون الإرادة الإنسانية، فليس للإرادة أن تتحرّك إلا في دائرتها، فلا مجال لها في الخروج منها بأية وسيلةٍ كانت.
ثُمَّ ضَرَب لهُ في الحَيَاةِ أجَلاً موْقُوتاً، ونَصَبَ لهُ أمَداً محْدوداً، يتَخطّى إليهِ بأيَّامِ عُمُرِهِ، ويَزْهَقُهُ بِأعْوامِ دَهْرِه، حتّى إذا بلَغَ أقْصى أثَرِه(6)ِ، واسْتَوْعَبَ
حِسابَ عُمُرِه، قَبَضَهُ إلى ما نَدَبَهُ إلَيْهِ مِنْ مَوْفُورِ ثَوابِهِ، أو مَحْذُورِ
عِقَابِه، لِيَجْزِيَ الّذينَ أسَاؤوا بِما عَمِلُوا، ويَجْزيَ الَّذِينَ أحْسَنُوا بِالحُسْنَى،
عَدْلاً مِنْهُ تَقَدَّسَتْ أسْمَاؤهُ، وتَظَاهَرتْ آلاؤهُ {لا يُسألُ عمّا يفْعَل وهُمْ يُسْألُون}.
عدل الله تعالى في ثوابه وعقابه :
لقد خلق الله الإنسان ـ في هذه الحياة ـ في أجلٍ موقوت، وعمر محدود: {كل نفسٍ ذائقةُ الموت} [آل عمران:185]. {إنّك ميّت وإنّهم ميّتون} [الزّمر:30].{ولن يؤخّر الله نفساً إذا جاء أجلها} [المنافقون:11].
فالحياة رحلة تبدأ من الولادة لتتحرّك في خطوات العمر في حركةٍ مفتوحةٍ على كل الأيام، ولتثقلها الأعوام التي تتراكم عليها في امتداد الدهر، وتمضي بالإنسان خطواته التي يأكل فيها في كل يوم قطعةً من عمره، حتى يستنفد المائدة التي وضعها الله بين يديه كلها في تعب مجهدٍ، وإرهاقٍ موجعٍ، لتنتهي بالموت الذي تنتهي به مدة العمل، الذي كان يمثل حركة المسؤولية في وجوده ودوره الذي أعدّه الله له، ليواجه ـ بعد الموت ـ نتائج المسؤولية في الثواب الذي جعله الله للمحسنين من عباده لما عملوه من خير، وفي العقاب الذي توعّد به المسيئين منهم لما عملوه من شر، وذلك في الموقف الحق، يوم يقوم الناس لربّ العالمين، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، وذلك هو الذي يجعل للحياة هدفاً، ويخرج خلق الإنسان من العبثية، فهناك ساحة للعمل في الدنيا، وهناك ساحة للنتائج الحسنة أو السيئة في الآخرة، وذلك هو خط العدل الإلهي الذي يعطي كل إنسان من عباده حقه، بما جعله له من الحق في الطاعة، ويحمّل كل واحد منهم مسؤوليته بما له عليه من الحق، من خلال طبيعة معنى العبودية، ومما أراده الله منه من البُعد عن المعصية.
وإلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .